ماذا فعلت شركة الخطوط السعودية في تخطيط القوى العاملة؟
قد يكون مـــن أهم أسباب استمراري فـــي العمل والاهتمـام في التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة هو أنه تخصص لا يتوقف عند حد معين، فإنك كلمـــا قرأت أو عملت فيه تجد أن هناك أشياء كثيرة تتعلمها وتستطيع الغوص في تفاصيلها. فالمنهجيات عديـــدة والدراســـات التي تحمل قصصا ممتعة كثيرة، وهي ما يبقي شغف الاكتشاف مشتعلاً.
وخلال الأيام الماضية كنـــت أقرأ دراسة سابقـــة تستحــق التوقـــف عندهـــا، تناولـــت إحـــدى المنهجيات المعروفة في تخطيـــط القوى العاملة مع الخطوط السعودية. حيث ناقشت كيف عمل فريق التخطيط للإجابة على السؤال الأكبـــر للمتخصص: كيـــف يمكـــن التنبـــؤ بالاحتياج الوظيفي للقوى العاملة لمدة خمسة أعوام في ظل عوامل مؤثرة علــى قطاع الطيران مثـــل رؤية 2030، وزيادة أعداد الحجاج والسياح، والتغييرات المتسارعة في صناعة الطيران؟
وللوصول إلى هذه الإجابة، حددت الدراسة ثلاثة أهداف رئيسية:
- التنبؤ بالساعات الجوية الفعلية (Block Hours) حتى عام 2025.
- تحديد عدد طاقم القيادة (Flight Deck Crew) المطلوب.
- تحديد عدد طاقم الضيافة الجوية (Cabin Crew المطلوب).
وبغض النظر عن المسميات الوظيفية، فإن تركيزنا هنا ينصب على المنهجية التي استُخدمــت للتنبؤ بالاحتياج الوظيفي، وهـــي “المتوسط المتحـــرك” (Moving Average). فقد قام الفريق بتحليل بيانات الساعـــات الجويـــة الفعلية لآخـــر خمس سنوات، وهـــي ما نطلق عليــه البيانات التاريخية، لمعرفة الاتجاه العام (Trend) إن كـــان تصـــاعديًا أو منخفضًا أو متذبذبًا. حيــث يمكن تنفيذ هذه المنهجية باستخدام أدوات تحليليـــة شائعـــة مثـــل Excel وPython وR، لاحتسـاب المتوسطات المتحركة وبناء التوقعات بصورة منهجية.
وقد أوضحت البيانات أن الاتجاه كان تصاعديًا بوضوح؛ ففي عام 2015 تراوح متوســـط الساعات الجوية الشهريـــة بيـــن 6200 و6900 ساعـــة، بينمـــا في عام 2020 ارتفع المتوســـط الشهري ليصل إلى 8500 – 9900 ساعة. أي أن الفجوة خـــلال خمــس سنوات تجاوزت 40%، وهو ما يبرر ربط الاحتياج الوظيفي بعدد الساعات الجوية وعمل التوقعــات بناءً عليها. ففي الجدول أدناه يتضح الفرق بين متوسط عدد الساعات في 2015 وارتفاعه في 2020.

النتيجة والتوصيات
وبعد الانتهـــاء مـــن تحليـــل البيانـــات وربطهــا بالاحتياج الوظيفي، جاءت التوصيات واضحة فالخطوط السعودية بحاجة إلى زيادة أعداد الطياريـــن مـن قادة ومساعدين بشكل متواصل حتى عام 2025 بنسبة تقارب الثلث، أي بحلول 2025 يحتـــاج الأسطـــول إلـــى مـا يقارب 2000 كابتن، وكذلك الحال في طاقم الضيافة حيث سيزداد عدد المضيفين ومدراء المقصورة بما يتجاوز الربع خلال نفس الفترة.
وباختصار، فإن الدراسة أكدت أن السنوات الخمس تتطلب خططا واقعية للتوظيـف والتدريب حتى تتمكن الشركة من مواكبة توسعها وتحقيق أهداف رؤية 2030.
مختصر نتيجة التوصية بالوظائف

بقي القـــول إن التوقعـــات لم تُبنَ علـــى الأرقـــام التاريخيـــة فقــط، بل دعمتها مبادرات رؤية السعودية 2030 مثـــل رفع أعداد الحجــاج والمعتمرين ليصل إلى 30 مليون سنويا، والمشاريع السياحيـة الكبـــرى (نيوم، البحر الأحمر، القدية)، إضافـــة إلـــى توسعـــة المطارات واستضـــافة الفعاليات العالمية، وهي عوامل عززت الحاجة المتزايدة للتوسع في القوى العاملة.
ولعلنا في مقال آخر نوضح كيف يتم استخدام نماذج تنبؤيه أكثر تعقيدا من ” المتوسط المتحرك” لنستطيع من خلالها توضيـــح كيف يتم ربط هذه العوامل ومدى حجم تأثيرها على التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة.
محمد المغيرة
Mohammed Almughyirah
References
Forecasting and Scheduling of Flight Deck Crew and Cabin Crew Headcount in SAUDIA Until 2025
